الرئيسية التجارة الإلكترونية التجارة الإلكترونية في الخليج: مرحلة مابعد استحواذ أمازون على سوق.كوم

التجارة الإلكترونية في الخليج: مرحلة مابعد استحواذ أمازون على سوق.كوم

بواسطة: شهاب الفقيه

إلحاقاً بمقال (وقفات مع استحواذ أمازون على سوق.كوم) والذي نشرته قبل أيام، وإجابة على التساؤلات التي  وردتني مباشرة أو اطلعت عليها في مقالات تناقش خبر الإستحواذ وتأثيره على المنطقة (إحداها: إستحواذ أمازون على سوق.كوم توقعات وتساؤلات)، سأحاول في هذا المقال استقراء المستقبل القريب فيما يتعلق بقطاع التجارة الإلكترونية. آمل ممن لديه رأي سواء بالمخالفة أو الإتفاق التعقيب على الموضوع، فالقصد أولاً وآخراً الصالح العام.

قطاع التجزئة التقليدي:

خلال العشرين سنة الماضية مر قطاع التجزئة في منطقة السعودية بمرحلتين انتقاليتين. المرحلة الأولى كانت في بداية الألفية، وفيها بدأ نجم محلات الهايبر بالظهور، كمكتبة جرير، إكسترا، ساكو، وبندة. ودعوني استذكر معكم ما الذي تغير حينها. مثلاً لشراء أجهزة المنزل (غسالة، نشافة، ثلاجة، مكيف، تلفزيون) كان المشتري يضطر لزيارة عدة محلات في مناطق مختلفة من المدينة، لمقارنة الأسعار، ثم الإتفاق مع كل محل على حده. إذا كان محظوظاً فإن المحلات ستوفر له خدمة التوصيل والتركيب، وإلا فعليه البحث عن ناقل ومقدم لخدمة التركيب. الأمر سيان مع شراء الأدوات المكتبية والقرطاسية، وكذلك لمستلزمات المنزل من الأطعمة والمنظفات.

جاءت الهايبر لحل هذه الإشكالية من خلال توفير كل شيء في مكان واحد. آلية عمل هذه المحلات معقدة، وتعتمد بشكل كبير على الفعالية في إدارة رأس المال وضبط دورة النقد. بدون الدخول في التفاصيل، يتم افتتاح الهايبر في موقع رخيص (لبعده عن مركز المدينة، لإستثماره لفترات طويله، أو لكونه جزء من عقار مملوك لصاحب الهايبر). في الغالب لا يملك صاحب الهايبر معظم البضاعة المعروضة، بل تكون على التصريف أو معروضة حسب اتفاقية مشابهة. يحصل الهايبر على عمولة مباشرة من بيع البضائع، رسوم على العقد كإضافة الأصناف أو تعديل الأسعار، ورسوم تسويقية كتلك المرتبطة بمكان عرض البضائع أو الإعلان عنها في المنشورات التسويقية، وأيضاً رسوم للخدمات المقدمة للعميل كالتوصيل والتركيب. بالإضافة لما سبق، ولكون عملية شراء تلك البضائع يكون نقداً وسدادها حسب معظم العقود والتي في الغالب تكون خلال فترات ثابتة (كل 30 أو 60 يوم أو أكثر) يتمتع الهايبر بتدفق نقدي موجب. أي أنها تحصل قيمة البضائع المباعة اليوم نقداً، وتستحق للسداد بعد شهر أو شهرين.

بالتالي كان لإفتتاح محلات الهايبر التأثيرات التالية:

  • أصحاب الوكالات والمستوردين الكبار استفادوا من خلال تقليص تكلفة التوسع وافتتاح فروع ومستودعات في المناطق للوصول للعملاء، واكتفوا بمعارض ومستودعات رئيسية للبيع الجملة وأما معظم بيع تجزئة فكان من خلال محلات الهايبر. أيضاً، ولأن الهايبر تخدم عامة الزبائن، أصبحت طلباتها من الوكالات مركزة على البضائع التي تخدم تلك الشريحة، وبالتالي أصبح الوصول إلى البضائع المتخصصة أصعب.
  • أصحاب المحلات الصغيرة والموزعين تقلصت الحاجة لهم، وأغلق من كان بيع التجزئة مصدره الرئيسي للدخل خصوصاً الواقعين في المدن الرئيسية (التي تتواجد فيها محلات الهايبر). إلا بالطبع من تخصص في خدمة شريحة محددة من العملاء (مثلاً، محلات الزامل للقرطاسية في المنطقة الشرقية توفر أدوات لمحترفي الأشغال اليدوية لا تجدها في جرير).
  • عامة الزبائن استفادوا من الراحة في تلبية كافة الإحتياجات من مكان واحد، والمقارنة بين الأسعار، والتوفير في بعض الأحيان. أما الزبائن المتطلبين فقدوا التنوع والوصول إلى الخدمات أو المنتجات المتخصصة التي كان بإمكانهم الوصول لها مسبقاً.
مقال يهمك  البيع المأمون،، عبر موقع أمازون

تمتع أصحاب الهايبر بتوسع سريع وضخم خلال العشر سنوات الأولى. حتى غزت الإنترنت والتجارة الإلكترونية العالم والمنطقة، وبدأ شكل التجارة يتغير! أو بمعنى آخر طفرة الهايبر بدأت بالإنحدار. الإشكالية أن الهايبر لم يتعاملوا بالشكل الصحيح مع الإنحدار وواصلو التوسع الأمر الذي انعكس في النهاية على مداخيل الشركات.

التجارة الإلكترونية:

لاحظنا أن قطاع الهايبر حل مشكلة توزع المنتجات والوصول إليها. ولكن النموذج ككل مبني على الفعالية وسرعة حركة المنتج. بالتالي كما وضح مسبقاً، تضرر من هذا النموذج العملاء المتطلبين، الذين يرغبون بنوع القهوة الذي لا يشربه هم وخمسة غيرهم في المدينة، أو خلاط العجين النصف احترافي. في النهاية الهايبر توفر البضائع التي يطلبها عامة الناس، والتي في الغالب لن تجلس على الرف لمدة شهر حتى يأتي زبون واحد لشراءها.

التجارة الإلكترونية حلت هذه المشكلة بحيث جعلت الوصول للمنتجات المتخصصة أسهل كون هذه المنتجات تستهدف شريحة أوسع (بدل استهداف عملاء من حي واحد، أصبح المستهدف عملاء من مدينة، منطقة أو حتى دولة.. أو العالم). ولكن التجارة الإلكترونية ليست على مستوى واحد بل على عدة مستويات، وسأوضح أدناه كل مستوى والمميزات التي يتمتع بها:

  1. الهواة، هذه الشريحة هي شريحة التجار تحت الإعداد. لديهم هواية أو شغف، أو معرفة بشيء ما. ونظراً لإطلاعهم ومعرفتهم أو علاقتهم فإنهم يستطيعون الوصول إلى منتجات يصعب على غيرهم الوصول إليها أو يصعب الحصول عليها بسعر منافس. يقومون بإستخدام الإنترنت لطلب كميات بسيطة، أو بناء على طلب مسبق من عميل عبر الإنترنت، بالتالي تكون تكاليف التخزين، التالف، والتنفيذ قليلة جداً. أضف إلى ذلك أنهم وكونهم هواة قد لا يدفعون رسوم تسجيل شركة، إستئجار موقع، أو تعيين موظفين. لذلك على هذا المستوى يتمكنون من منافسة الوكلاء والمحلات التقليدية. وفي الغالب هؤلاء لا يملكون سوق مستقل بل يستخدمون منصات بيع عامة كحراج، سوق.كوم، إنستقرام.
  2. المحترفين، هؤلاء تجار تجزئة لديهم مستودعات واقعية ولكنهم يستخدمون الإنترنت كقناة بيع رئيسية. عملية البيع لديهم مستمرة، ولأنهم يعملون تحت اسم تجاري، العلاقة مع العملاء جداً مهمة وأساسية. بالتالي يفقد هؤلاء المرونة التي يتمتع بها الهواة، فهم على خط منافسة دائم مع الأسواق الإلكترونية والأسواق التقليدية. لديهم مصاريف للمستودعات والتخزين، الشحن، التسويق، علاقات العملاء، التالف وغيرها. طبعاً الإنترنت وفرت لهم وصول لشريحة أكبر وبالتالي يمكنهم الإستفادة من اقتصاد السعة(Economies of scale). بمعنى أن التاجر التقليدي يحتاج لمستودع ومحل في كل من الدمام، الرياض وجدة ليغطي تلك المدن، بينما التاجر الإلكتروني من خلال موقع الكتروني ومستودع واحد يتمكن من تغطية الخليج كله.
مقال يهمك  الربحية عبر منصة إِيباي "eBay"

ماسبق يبدو جميلاً، ولكن هناك معضلة. المشكلة الأساسية في نموذج التجارة الإلكترونية أن مع دخول العميل لبحر التسوق عبر الإنترنت، لا يحده المكان وتصبح أمامه خيارات متعددة جداً. في الغالب (وحسب المنتج) ما يحكم هو: السعر، جودة المنتج، سرعة التنفيذ، تقييم العملاء، سهولة عملية الإستبدال، مكافأة الولاء، وسهولة التصفح وإتمام عملية الشراء. بالتالي وعلى الرغم من أن التاجر الإلكتروني وفر بعض مصاريف التاجر التقليدي، إلا أن هناك قائمة من المصاريف الجديدة التي يتوجب انفاقها لتحقيق التميز. لاحظ أن السعر، الجودة، السرعة يمكن للهواة تغطيتها، بينما بقية النقاط تحتاج لإستثمار هائل لبناءها والمحافظة عليها، مع الأخذ بالإعتبار أنها سمة أساسية للتجار التقليديين. وهذه برأيي مشكلة التجارة الإلكترونية للمحترفين. تحتاج لأن يكون حجمك كبير ليصبح الإستثمار في تطوير متطلبات العملاء مجدياً.

عالم ما بعد إستحواذ أمازون وإطلاق نون!

بداية من الضروري معرفة القاعدة التي ينطلق منها كل من أمازون ونون. أمازون تنطلق من خبرتها في السوق العالمي ووجود بنى تحتية قوية، بإعتقادي أنها ومن خلال استحواذها على سوق.كوم فإنها قد حصلت على: بيانات ومعلومات جيدة عن السوق من خلال سوق.كوم وبايفورت، وشبكة توزيع لوجستيه. شخصياً لا أتوقع دخولها قريباً بإسم أمازون الشرق الأوسط، ولكنها ستترك سوق.كوم تعمل كما هي لتكمل دراسة السوق والحركة القادمة لنون. ولكن قد تقرر استباق دخول نون، بالتالي سيكون أمامها عدة إشكاليات سبق ذكرها في مقالي السابق (تحسين الخدمة، وضمان التخلص من التقليد والبضاعة الرديئة)، وهذا قد يتطلب التركيز وإقفال بعض أقسام سوق.كوم كالبقالة.

في المقابل، نون إلى الآن لم يطلق ولكن حسب التصريحات المتداولة أنه سيدخل للمنافسة بشكل رئيسي في قطاع الملبوسات والإكسسورات، وسينافس على مستوى عالمي. إن صحت هذه الأخبار، ففي إعتقادي أنها خطوة في الطريق الصحيح. أمازون تتميز في قطاعات عديدة ولكن الملبوسات ليس أحدها (رأي). ولا شك سواء أكانت المنافسة مع سوق.كوم أو مع أمازون مباشرة، فإن نون ستبدأ السباق متأخرة، وسيكون عليها التركيز والتركيز والتركيز على منطلق القوة الخاص بها. والإستثمار بشكل رئيسي في تحسين الخدمة وجودة الموقع، وخدمة العملاء. أما إضافة الأصناف الأخرى (المنتجات التقنية، الأجهزة الكهربائية وغيرها) فيكون من خلال الإستحواذ، أو الإستثمار المبكر لمنع سوق.كوم/أمازون من الوصول إليهم.

مقال يهمك  أفضل 4 منصات تجارة إلكترونية لبيع منتجاتك فيها

بالنسبة لأصحاب المشاريع، فإنه من المهم التخصص، أعتقد أن الواقع يقول بأن الحرب على تسيد سوق الشرق الأوسط قد تحدد أطرافها، ولا مساحة لطرف ثالث حالياً. ولكن يبقى أن مساحة للأسلحة التي تستخدم في تلك الحرب وهي الأسواق الإلكترونية المتخصصة. شخصياً لا أراهن على سوق الملابس أو الأجهزة الكهربائية، ولكن أي سوق متخصص آخر يخدم شريحة حجمها جيد على مستوى الشرق الأوسط أتوقع أنه سيكون هدف للإستحواذ من أحد الطرفين (رأي). أيضاً شركات خدمات الدعم على الأرض المتخصصة أيضاً قد تكون هدف سواء للإستحواذ أو للشراكات.

أما بالنسبة لمحلات الهايبر، فالمتوقع بعد أن يصحوا من الغفلة، أن يبدأوا بتقليص تواجدهم على الأرض، وتضخيم تواجدهم في الإنترنت وذلك بالإستحواذ على أذرع/شركات تقنية تعمل بأسماء مختلفة (لتفادي مشكلة اختلاف الأسعار والعروض) ليخترقوا سوق الإنترنت ويستفيدوا من الميزات المتوفرة لديهم في الشركة الأم. وهذا ما حصل مع والمارت في الولايات المتحدة.

هذا رأيي والذي أعتقد أنه مبكر ومتحمس بعض الشيء، أتوقع أن تتضح الأمور خلال الست أشهر القادمة مع إطلاق نون، وإتضاح خطوة أمازون مع سوق.كوم القادمة.

الكاتب: جاسم بن هارون الهارون

المصدر

6 التعليقات

موضوعات مشابهه

6 التعليقات

محمد العرادي 3 يونيو,2017 - 5:51 م

شكرا لكم مقال جميل

Reply
شهاب الفقيه 4 يونيو,2017 - 10:57 ص

الشكر موصول لكم

Reply
محمد الجهني 17 يونيو,2017 - 5:24 م

تحليل ممتاز ، لكن كيف ترى تأثير ضعف الخدمات اللوجستية و صعوبات العمليات الماليه في نمو السوق الالكتروني . شكرا

Reply
نرمين 10 سبتمبر,2017 - 10:12 ص

انا قرأت عن هذا الموقع لتبادل العملات و رايت ان نسبة الربح عالية فهل هذا الموقع مضمون , اريد ان اشترك به
https://goo.gl/qYtxjo

Reply
شهاب الفقيه 10 سبتمبر,2017 - 10:56 ص

المعذرة، ليس لدي اي فكرة ولا خبرة ولا معلومة حول تجارة تبادل العملات

Reply

اترك تعليقاً

هذا الموقع يقوم باستخدام الكوكيز (Cookies). إذا استمرّيت بالتصفّح، فإنّك توافق على استخدامنا للكوكيز موافق ..معلومات!!